مخاطر متزايدة تواجه البلاد العربية في تقلص مصادر الموارد المائية والتأثير السلبي على القطاع الزراعي
المصادر المائية للبلاد العربية في خطر!
طالب خبير في الشؤون الزراعية بلدان الوطن العربي مواجهة مخاطر العجز المتزايد في مصادر المياه العربية والمترافقة مع التزايد السكاني والتي تتطلب مواجهتها بذل الجهود العربية المشتركة سياسياً واقتصادياً وعلمياً ، من أجل تحديد الأولويات في توزيع الموارد المائية وترشيد استثمارها ، بالإضافة إلى تنمية الوعي البيئي لمخاطر التلوث ، ولذا يعد موضوع المياه ذا أهمية خاصة في منطقة الوطن العربي نظراً لمحدودية المتاح منها كمياه عذبه ، وطبقاً للمؤشرات الدولية فإن أي بلد يقل فيه متوسط نصيب الفرد عن 1500م3 سنوياً يعد بلداً يعاني من ندرة مائية وهذه الندرة تتفاقم باستمرار بسبب زيادة معدلات النمو السكاني العالمية . وبأنه نظراً لصعوبة الواقع المائي في الوطن العربي حيث لايتجاوز نصيبه من الإجمالي العالمي للأمطار 1.5% بينما تتعدى مساحته 10% من إجمالي يابسة العالم . وتقدر كمية المياه العذبة التي تجري في مسطحات مائية عالمية نحو 41ألف كم3 في السنة يصل منها 27 ألف كم3 إلى البحار ويتسرب منها خمسة آلاف كم3 إلى أماكن قصية في باطن الأرض ويتبقى نحو تسعة آلاف كم3 منها في يد الإنسان ويرتبط نقص المياه في الدول النامية ، والتي منها بعض الدول العربية ، بانتشار مجموعة من الأمراض الوبائية ، حيث أشار تقرير دولي إلى أن 80% من أمراض مواطني الدول النامية تسببها المياه الملوثة ، وأن 10 ملايين شخص يموتون سنوياً للسبب ذاته ، وفق الدكتور/ عبدالله الثنيان الخبير في الشؤون الزراعية والغذائية والذي أضاف : طبقاً لتقارير الأمم المتحدة يموت حوالي 20ألف طفل يومياً بسبب نقص المياه ، وفي التقرير الصادر عن الأمم المتحدة للبيئة والذي يبين أن أكثر من نصف سكان العالم سوف يعيشون حتى عام 2023م في مناطق تعاني نقص المياه ، وأن منطقة غرب آسيا (المشرق العربي) سوف تكون من أكثر المناطق معاناة في نقص المياه ، كما أشار التقرير إلى أن 19 دولة عربية تقع تحت خط الفقر المائي وأن 50 مليون مواطن عربي يعانون في الوقت الراهن من نقص المياه الصالحة للشرب ، إضافة إلى 80 مليوناً يعانون من تلوث المياه وغياب الصرف الصحي الملائم .وأضاف بقوله واقع الحال في المشرق العربي يبدو أكثر تعقيداً إذ لا يتعدى نصيبه 0.2% من مجمل المياه المتاحة في الوطن العربي ، في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات الاستهلاك بشكل كبير . ففي بلاد مجلس التعاون الخليجي قد تضاعف الطلب على المياه لأغراض الزراعة وذلك رغبة منها في تحقيق الاكتفاء الذاتي بالنسبة لبعض المحاصيل الغذائية ، كما ازداد الاستهلاك المنزلي نظراً لتحسن مستوى المعيشة . وتكمن أهمية موضوع المياه محلياً أو إقليمياً في صلاته المباشرة بجهود التنمية بوجه عام ، وتنمية القطاع الزراعي بوجه خاص ، وتعتبر سياسات الدعم الحكومي للقطاع الزراعي أحد أبرز الأسباب المؤدية إلى مشاكل استنزاف المياه الجوفية .
وفي تقرير للبنك الدولي يوضح أن متوسط نصيب الفرد السنوي من الموارد المائية المتجددة والقابلة للتجديد في الوطن العربي بلغ في عام 1960م حوالي 3430م3 للفرد ومن المتوقع أن يصل إلى 667م3 للفرد بحلول عام 2025م بما يمثل 20% من نصيب الفرد عام 1960م ، أما معدل موارد المياه المتجددة سنوياً في المنطقة العربية فيبلغ حوالي 350 مليار م3 ، تساهم الأنهار التي تنبع من خارج المنطقة العربية بحوالي 124 مليار م3 تمثل نسبته 35% . وتحصل الزراعة المروية على النصيب الأعظم من موارد المياه العربية ، حيث تستحوذ على 88% مقابل 7% للاستخدام المنزلي ، ونحو 5% للقطاع الصناعي، وتعد المياه حسب تحليل الدوائر السياسية العالمية مصدراً لإشعال الحروب في منطقة الشرق الأوسط ، خاصة وأن أغلب الأقطار العربية لاتملك السيطرة الكاملة على منابع مياهها ، فأثيوبيا وبورندي والكونغو وكينيا وأوغندا وغينيا والسنغال وتركيا وإيران تتحكم بحوالي 60% من منابع الموارد المائية للوطن العربي .
ولذا وجب على بلدان الوطن العربي مواجهة مخاطر العجز المتزايد في مصادر المياه العربية والمترافقة مع التزايد السكاني والتي تتطلب مواجهتها بذل الجهود العربية المشتركة سياسياً واقتصادياً وعلمياً ، من أجل تحديد الأولويات في توزيع الموارد المائية وترشيد استثمارها ، بالإضافة إلى تنمية الوعي البيئي لمخاطر التلوث ، وتطوير التقنيات المستخدمة والاعتماد على الأساليب التكنولوجية الحديثة في الري ومعالجة التصحر ومشروعات تكرير وتحليه المياه التي سوف تشهد في المرحلة المقبلة تزايداً على استخدامها واستثمارها ، نظراً لأن معظم الدول العربية هي دول ساحلية مما يعطيها ميزة وجود مصدر للمياه بكميات لاحدود لها يمكن تحليتها والاعتماد عليها كمورد إضافي ، بل تعد مصدراً رئيسياً في بعض البلدان مثل الدول الخليجية ، فعلى سبيل المثال تبلغ نسبة مياه البحر المحلاة لدولة الكويت نحو 95% ، في حين تمثل مياه البحر المحلاة نحو 75% من المياه المستخدمة في دول الخليج العربية بكمية تصل إلى 1.85 مليار متر مكعب أي حوالي 90% من إجمالي إنتاج المنطقة العربية من المياه المحلاة ، وتشير بعض المصادر الأمريكية إلى أن 35% من إجمالي محطات إزالة الملوحة من مياه البحار في العالم موجودة في العالم العربي وأن 65% من إجمالي الطاقات المتاحة لها موجودة في دول الخليج العربي وخاصة في الجزيرة العربية وذلك بعد أن استنزفت المملكة العربية السعودية حوالي 254.5 مليار متر مكعب من المياه الجوفية في القطاع الزراعي أو ما يعادل 75.4% من الاحتياطي المؤكد في التكوينات الجوفية الرئيسية .
ويتطلب الأمر التوجه إلى البحث عن وسائل أكثر تقدماً لتحلية مياه البحار ومعالجة مياه الصرف الزراعي والصحي لسد العجز المتوقع في نصيب الفرد من المياه . وعلى هذا الصعيد تتضح الخطى الرشيدة التي تتبعها حكومة المملكة في هذا المجال بصفة خاصة ، وحكومات بلدان مجلس التعاون الخليجي بصفة عامة.